تي آر تي 1

خطبة وداع رمضان

عباد الله، إن الحكمة في زكاة الفطر مركبةٌ من أمرين: الأول: يتعلَّق بالصائمين في شهر رمضان، وما عسى أن يكون قد شاب صيامَهم من اللغو والرفث، فجاءتْ زكاةُ الفطر في ختام الشهر لتَجبر ذلك كله، وتغسل ما قد يكون علق بالصائم مما يكدِّر صومَه، وينقص أجرَه. الثاني: يتعلق بالمجتمع، وإشاعة المحبة والمسرة في جميع أنحائه، وخاصةً المساكينَ وأهل الحاجة فيه؛ وذلك أن العيد يومُ فرحٍ وسرور، فينبغي تعميمُ هذا الفرح والسرور ليشمل جميعَ فئات المجتمع، ومنها الفقراء والمساكين، ولن يدخل السرور إلى قلوبهم إلا إذا أعطاهم إخوانهم، وأشعروهم أن المجتمع يد واحدة؛ يتألم بعضه لألم الآخر، ويفرح له. أيها المسلمون، لزكاة الفطر وقتان: وقتُ فضيلة، ووقت جواز، أما وقتُ الفضيلة، فهو صباح العيد قبل الصلاة؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أمَر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة"؛ رواه البخاري، وأما وقت الجواز، فهو قبل العيد بيوم أو يومين، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، فإن أخِّرت فهي صدقةٌ من الصدقات. كاة الفطر يُخرِجها المرءُ عن نفسه، وعمَّن ينفِق عليه من الزوجات والأقارب والخدم، ويُستحَبُّ إخراجُها عن الحمل الذي في البطن ولا يجب، فإذا أخرج الصائم زكاتَه دفَعَها إلى فقراء البلد الذي هو فيه، ولا يرسلها لغير بلده متى ما كانت الحاجة لوجودها ماسة، ونصابُ تلك الزكاة الواجب إخراجها قرابة الكيلوين وأربعين جرامًا من غالب قوت البلد الذي هو فيه.

عمرة رمضان 2016 من المغرب

جبر الله المصاب، وأعاد علينا شهر الخير والثواب، وإنا لله وإنا إلينا راجعون. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. الخطبة الثانية: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد: أيها المسلمون، لقد شرع الله -تعالى- للمسلم الصائم في ختام شهره شعائر يتقرب بها إلى ربه؛ ليزيد أجره، ويعظم ثوابه. فمن ذلك: أن الله -عز وجل- شرع للأمة الإسلامية عيداً بعد صوم رمضان هو عيد الفطر، يفرح فيه الصائم بإتمام صيامه، ويتقاسم السرور مع أقاربه وجيرانه وخلانه، قال تعالى: ( قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس: 58]. إن العيد شاطئ السلامة بعد رحلة الجد والعمل في شهر الصيام، فحق للصائم أن يسر بأمان الوصول، وحسن النزول. ومع أنه يفرح إلا أن فرحه مضبوط بالشرع لا يتجاوز ما حده الله -تعالى- في سمع وبصر ومأكل ومشرب وهيئة، وليت شعري أي فرح وسرور للخاسرين في رمضان؛ لأن العيد في الحقيقة إنما هو للفائزين فقط؛ ولذلك يعرف تفاوت الناس في رمضان باختلاف أحوالهم بعده. فأهل التفريط لا يقدرون الشرع حق قدره في العيد حيث يجعلون العيد زمناً للهو والعبث والمعصية، ويعدونه فرجاً لهم من قيد الصيام في رمضان؛ فبعد ما كان بعضهم يحافظ على الصلاة في أوقاتها يبدأ بتضييعها من أول ليلة من شوال، وبعد سماع القرآن صار أسير الألحان، وبعد معرفة سبل الخيرات ينهض لسلوك دروب المنكرات، وحاله حال من قال الله فيه: ( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً)[النحل: 92].

ومن سنن يوم العيد ما رواه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ، وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا. وصلاة العيد فرض على الأعيان لا يجوز تركها. اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد. وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارضَ اللهمَّ عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان، اللهم كن لهم ناصرًا ومُعِينا وحافظًا ومؤيِّدا، اللهم وعليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الخطبة الأولى: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبعونه تُنال المنى وتُبلغ الغايات، حمداً طيباً مباركاً فيه ملء الأرض وملء السماوات، وملء ما شاء ربُّنا من شيء بعد، له الحمد كما ينبغي لوجهه وعظيم سلطانه، وله الشكر على جزيل كرمه، ووافر امتنانه، له الحمد في أول الأمر وآخره، وباطنه وظاهره، وعلنه وسره، وحلو القدر ومره، له الحمد كما حمد نفسه وفوق ما يحمده خلقه. وأشهد أن لا إله إلا الله الحي القيوم الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون، الذي لا يزال على العرش مستويا، وفي الوجود حيا باقيا، لا يزول ولا يحول، وخلقه في تحول وزوال: ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)[القصص: 88]، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خاتم الأنبياء والمرسلين، وإمام الأصفياء والمتقين، من عبد ربه حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- وداوموا عليها في كل زمان ومكان، كما قال تعالى لسيد المتقين – عليه الصلاة والسلام: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً)[الأحزاب: 1].

  • خطبة وداع رمضان
  • العمرة في رمضان من المغرب
  • تحميل اغانى رمضان mp3
  • ثمن العمرة في رمضان من المغرب 2016
المعهد التكنولوجي العالي بمدينة العاشر من رمضان

هلا سأل الصائم نفسه كيف كان صيامه؟ أكان صوماً يرضي ربه تعالى: نوى به القربة والزلفى، لا الموافقة والمجاراة للناس؟ وهل وصل صيامه عند الخاتمة سالماً من الجروح التي تخدش الصيام كسيئ القول والعمل؟ ما كان نصيبه من التلاوة، والقيام، والصدقة، وبذل الخير للناس؟ هل رق قلبه، ودمعت عيناه، وطابت نفسه، وارتفعت روحه، وصلحت جوارحه؟ هل غير رمضان حياته إلى الأفضل، أو أن رمضان كغيره من شهور العام؟ فمن وجد من المحاسبة في نفسه وعمله خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه. أيها الصائمون: ها هو شهر الصيام يلوح بالوداع، ويوشك أن يذهب عنا فماذا تعلمنا من هذا المعلّم النافع؟ لقد علمنا رمضان أن الإنسان ضعيف مهما كان قوياً؛ ففقدُ اللقمة والشربة يُنهكه، وتضييق مجال الشهوة قد يتعبه؛ فهو فقير الحاجات؛ فلماذا تستغني عن ربك يا ابن ادم، وأنت فقير إليه! وأظهر لنا رمضان جانباً من جوانب رحمة الخالق الرازق بعباده حيث هيأ لهم الطعام والشراب الذي يحفظ بقاءهم، ويجدون فيه لذتهم وراحتهم، مذكراً لنا -ونحن نتقلب في هذه النعمة متناولين ما نشاء مما أباح لنا- أقواماً لا يجدون ما نجد، حتى أصبح الجوع والحاجة شعارهم ودثارهم طوال العام، وعلمنا معلمنا الحبيب رمضان أن السعادة الحقيقية هي سعادة الروح لا سعادة البدن، وأن ظن السعادة بظاهر الحياة ولذائذها الحسية ظن كاذب وبرق خلب: لا غيث فيه؛ ففي رمضان تتجلى السعادة الروحية في صيام صادق، ومناجاة خاشعة، وتلاوة متدبرة، وكف سخية في دروب البر.

خطبة وداع رمضان الخطبة الأولى أما بعد: عباد الله، سعادةٌ غامرة تملأ جوانحنا إذ بُلِّغنا هذا الشهر العظيم، فصمنا وقمنا وقرأنا القرآن وتصدقنا وأقبلنا على الأعمال الصالحة وقلوبنا يتجاذبها خوفٌ ورجاءٌ، والألسن تلهج بالدعاء أن يتقبّل الله الصيام والقيام والطاعات لنا ولجميع المسلمين، وأن يجعلنا من عتقائه من النار، فطوبى لمن اغتُفِرت زلتهُ، وتُقُبّلت توبتُه، وأقيلت عثرته. فنحمد الله ونشكره لما وفقنا وأعاننا على الصيام والقيام. هكذا مضت الليالي مسرعة، بالأمس كنا نستقبل رمضان، وهذه الأيام نودِّعه، ولا يدري أحدنا: هل يستقبلُه عاماً آخر؛ أم لا؟ نسأل الله أن يعيده علينا أعواماً عديدة وأزمنة مديدة. الاستغفار - عباد الله - ختام الأعمال الصالحة، تختم به الصلاةُ والحج وقيام الليل والمجالس، وكذلك ينبغي أن يُختم به الصيام، لِنُقَوّم به غمرات الغفلة والنسيان، ونمحو به شوائب التقصير، فالاستغفار يدفع عن النفس الشعورَ بالكبر والزهوَ بالنفس والعجبَ بالأعمال، ويورثها الشعورَ بالتقصير، وهذا الإحساس يدفع لمزيد عملٍ بعد رمضان، فتزداد الحسنات ويثقل الميزان، يبين ابن القيم رحمه الله حاجةَ الطائعين إلى الاستغفار فيقول: (الرضا بالطاعة من رعونات النفس وحماقتها، وأرباب العزائم والبصائر أشدُّ ما يكونون استغفاراً عقب الطاعات، لشهودهم تقصيرهم فيها، وتركِ القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه) انتهى كلامه.

تَرَحَّلَ الشَّهْرُ وَا لَهْفَاهُ وَانْصَرَمَا وَاخْتُصَّ بِالفَوْزِ فِي الجَنَّاتِ مَنْ خَدَمَا مَنْ فَاتَهُ الزَّرْعُ فِي وَقْتَ البَذَارِ فَمَا تَرَاهُ يَحْصُدُ إِلاَّ الهَمَّ وَالنَّدَمَا طُوبَى لِمَنْ كَانَتِ التَّقْوَى بِضَاعَتَهُ فِي شَهْرِهِ وَبِحَبْلِ اللَّهِ مُعْتَصِمَا ثم صلُّوا على الهادي البشير.

  1. فضاء الطالب جامعة
  2. اعراض خمول الغدة الدرقية عند الاطفال