تي آر تي 1

بين الحاضر والماضي

ذلك أنه من أسباب سعادة المرء، النظر إلى ما بين يديه الآن، والرضا به يخلصنا مما يشتت أفكارنا ويحول بيننا وبين ما يحيط بنا من أشياء جميلة ضاعت يوم ألفناها، فنحن نصنع حاضرنا بما نوليه لما حولنا من اهتمام، وبما في أيدينا، ولو كان قليلاً، والتطلع الدائم لما ليس في أيدينا أو فوق طاقتنا، يفسد على الفرد الاستمتاع بحاضره، والشاهد، ذلك الإعلان الذي يعرض كل يوم مرات عديدة، ويختزل تلك الحالة التي تصيب الكثير حين يهدي ذلك الفتى الأنيق لعروسه سيارة، فيتهلل وجهها بشراً وفرحاً، والمحيطين بها من أثر الهدية، غير أن السيارة الجميلة باتت غير ذلك حين شاهدت العروس فتاة أخرى لديها أجمل منها، فما كان منها إلا أن ردتها إلى من أهداها إليها، وتركته وأسرتها وحيداً يتأمل كيف تحولت النعمة إلى نقمة، والسعادة إلى حزن وكمد. إن الاستمتاع بما لدى كل منا في اللحظة الآنية، من الجوائز الكبرى لحياة آمنة وهادئة وهنيئة. فقد تكون حولنا أشياء جميلة، غير أن التأمل والاستغراق الدائم في الندم على أفعال قمنا بها في الماضي، أو البكاء على اللبن المسكوب، يفسد الحاضر، كمن يسير في السيارة وعيناه على المرآة لرؤية من خلفه، فيحال بينه وبين الرؤية الأمامية، وقد يقع له حادث، وهو نفس حال القلق الدائم مما هو آت، ولكن التعلم من أخطاء الماضي هو الطريق إلى تجاوز ما أصابنا فيه من تعثر.

الشذوذ الجنسي بين الحيوانات

عندما أجلس مع كبار السن، الله يمدهم بالصحة والعافية، أجدهم يتكلمون عن الماضي وحياتهم كانت مليئة بالأفراح مع ظروفهم الصعبة التي كانوا يعيشونها، يتحدثون عن الاختلاف الكبير بين الحاضر والماضي الذي عاشوا فيه. مناسبات كثيرة تمر علينا دون أن نستشعر لذتها، الأعياد والأفراح لم تعد كالسابق. فالسابق كانت أمور الزواج ميسرة وبسيطة لا تتعدى نطاق الأهل والأقارب وتقام المناسبة إما في منزل الزوج أو الزوجة، لذلك كانت نسبة العنوسة والطلاق قليلة، أما الآن فقد اختلفت المقاييس، فرق شاسع مادياً ومعنوياً، لدرجة أن موضوع الزواج حالياً أصبح عائقاً كبيراً أمام الكثير، لما فيه من تكاليف باهظة. حتى رمضان، ذاك الضيف الغالي بكل ما يحمله من أجواء روحانية، يمرنا مرور الكرام، يستقبلونه بلهفة كبيرة جداً، كان استعدادهم له استعداداً روحانياً وليس بتجهيز وتوفير وشراء المواد الغذائية. كان العيد في الماضي فرحة للكبير قبل الصغير، كان فرحة طيبة لاجتماع الأهل والأقارب، الكل كان ينتظره ويحسب حسابه. ولكننا نلاحظ اليوم أنه أصبح يوما عاديا بالنسبة لنا، بل يكاد البعض أن يتثاقله. في الماضي كان الإنسان يعيش ظروفا صعبة إلا أن الابتسامة كانت تملأ وجهه والرضا يسكن قلبه.

فواصل بين الغرف

المهم عند مواجهة مواقف يبدو في ظاهرها التعثر، أن عليك أن تبحث دائماً عن الجوانب المضيئة فيها والبناء عليها، وإدراك هذا الضوء في آخر النفق المظلم، هو الذي يسعد النفس ويجدد الآمال ويشحذ الهمة والطاقة التي تتجدد لاستكمال ما قد بدأ، وفي هذا يقول »توماس أديسون«: إن كل محاولة خاطئة كانت بالنسبة لي طريقة جديدة للتعلم، وهو ما يجعلك تستمتع بحاضرك، ويمنحك طاقة إيجابية للتعامل مع الأخطاء، حتى لو كان هناك ندم، فإن الندم على عمل قمت به فلم تصب، أفضل من الندم على عمل كان ينبغي أن تقوم به ولم تفعل، فهذا هو الندم السلبي، أما الأول، فذاك ندم إيجابي، والبون بينهما شاسع. كما أن الشعور بالألم يمكن أن ننظر إليه باعتباره جرس إنذار وتنبيه لخلل يجب إصلاحه، وكسر ينبغي جبره، فلولا الشعور بالآلام، ما شخص طبيب مرضاً وعالجه، بل إن أخطر الأمراض وأصعبها، هي التي لا تسبقها الآم، وتباغت صاحبها بعد أن تكون قد تمكنت من أعضائه وعز الشفاء منها. ولأن الحياة متغيرة، فإن أحوالها كذلك متغيرة »يوم لك، فلا تبالغ في الفرح، ويوم عليك، فلا تعذب نفسك كمداً، فكلاهما في انحسار«. في أحد الأسفار إلى الهند، وعند تناول طعام الغذاء، ألح أحد الذين يدعون قراءة المستقبل عبر خطوط اليد على أحد الأصدقاء أن يقرأ له خطوط يده، ليرى ما سيقع له مستقبلاً، فقال له: إذا كان ما ستقوله سيسعدني فلا يد لك في حدوثه، وإذا كان غير ذلك، فلا أنت ولا أنا أملك أن أدفعه، ولن يكون غير قلقي في الحاضر وخوفي من المستقبل، وخسرت فوق ذلك مالاً يكفينا لوجبة الغداء، وهو ما أملك أن أستمتع به الآن.

قنوات بين موفيز

  • التحويل بين البنوك الالكترونية
  • مقارنة بين سيارتين بالانجليزي
  • فواصل بين الغرف
  • الفرق بين الحاضر والماضي بالانجليزية

شلل الرفاهية: إن الكلام عن الحداثة والابتكارات يوحي بالرفاهية والترف، بينما يحمل في طياته موتا حتميا لمخلوق اسمه الإنسان، حيث تموت حركته، وتفنى طاقته، ويخمل بدنه، حتى إن خلايا دماغه تبدأ بالتلاشي، ويهزل جسمه حتى يذوب في عالم التكنولوجيا، فتصبح الآلة من أساسيات الحياة، والإنسان هو المستهلِك أو المستهلَك، فلا قيمة له بدونها، بينما ينمو شأنه بمعيتها. ومن هذه الابتكارات وسائل الإعلام والاتصالات، التي حملت إلينا القليل من الراحة والرفاهية الظاهرة المتوهَمة، بينما تضمنت سرطانات وطواعين وبلاءات فتاكة، بغلاف براق اسمه التطور والتحضر والحداثة. الدنيا تفتح قلبها لأحبابها: يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (والله لا الفقرَ أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبسطَ عليكم الدنيا، كما بُسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم). وما كان يخشاه نبينا الأعظم صلى الله عليه وسلم نراه اليوم يتحقق عياناً، فوقعنا بشراكٍ نعلمها، وبفخاخ أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم حقيقتها، ولطالما حذّرنا منها. ها قد فتحت علينا الدنيا، فبُسطت لنا أكثر مما نتصور، فتسلل حبها إلى قلوبنا يوماً بعد يوم، ومن خلال هذا البسط صارت للأمم وثقافاتها قديماً وحديثاً نوافذ مفتوحة ليس لها حارس، معروضة دون رقيب، الاطلاع عليها لا يحتاج جهداً بالغاً منا، ولا أرى المشكلة بالاطلاع، بل الطامة الكبرى بما وراء الاطلاع من ترك ما نحن عليه من الدين والأخلاق والقيم والعادات الحميدة، والانخراط في تبعية عمياء، وتقليد أحمق، وانجرار وراء المجهول.

إن الناجحين هم القادرون على أن يواصلوا التقدم دون جلد دائم للذات، والدق المنتظم على عثرات الطريق، وهو ما يحول دون الاستمتاع بالحاضر والتهيؤ للمستقبل، فالطريق إلى الاستمتاع بالحاضر، هو التعلم من الماضي دون الاستغراق فيه، وليس بوسع أحد منا أن يغير الماضي، غير أن التعلم من الماضي هو الطريق إلى صناعة الحاضر، عبر تفحص ما حدث فيه، وما يجب أن نقوم به الآن بشكل يختلف عما سبق، فمن الرعونة تجريب ما قد أثبتت التجربة فشله. كما أن تصرف الفرد في وقت ما يكون بناء على ما كان يعلمه حينذاك، والآن، بعد معرفة المزيد، لا شك أن ما نقدم عليه من أفعال ستكون نتائجه أفضل، والشاهد، أنه في علم السياسة لا يتم تحليل الأحداث والقرارات التاريخية بمعزل عن الظروف التي أحاطت بها وإطارها الزمني، وإلا كانت النتائج غير صحيحة وخارج السياق. إن الطريقة المثلى لكي يكون المستقبل أفضل، هي أن تكون لكل منا مساهمة إيجابية في صنعه، وهنا، أستلهم ما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد من أن »المستقبل ليس فيه مكان للمترددين أو أصحاب العزائم اللينة، غير أنه ينتظر من يمد يده ليقتنص حظه منه برؤية ووعي ومعرفة«.

بين الماضي والحاضر حياتك

رغم الراحة والنعمة التي نعيشها في وقتنا الحالي، نسأل الله سبحانه أن يديم هذه النعم علينا، نجد الابتسامة ذهبت، والنفوس ضاقت، والقلوب تغيرت، انشغلنا بأعمالنا وأجهزتنا وصارت هذه الأجهزة هي التي تربطنا وتحدد علاقتنا الاجتماعية وتتحكم فيها. عندما يحن آباؤنا وأجدادنا إلى الماضي فإنهم يحنون إلى مواقف ومشاعر وسعادة افتقدوها. ضاعت في زحمة التكنولوجيا والتطور الذي نعيشه.

برنامج راديو بين سبورت قناة بين سبورت الرياضية